الأربعاء، 30 مارس 2011

حديث في العداء والعداوة!!

...

..

حديث في العداء والعداوة!! ...

.

بالأمس بت الليل كله أتخبط في أحلام مختلفة، لم أذكر منها إلا تلك الأفاعي التي شغلتنا عن عدد من الأطفال كانوا معنا في بيت كبير وعتيق॥ . نعم رأيت بداية أفعى صغيرة رأسها مبطح ولونها أصفر فاتح، خوفي على الأطفال دفع بي أن أذهب بالداخل إلى الأمهات لمناقشة الأمر، فاستطاعت أحد الحاضرات أن تجد شرابا مضادا لسم الأفاعي فاتفقنا أن نعطيه للأطفال، وكنت أول من شرب من هذا الشراب. . بعد ذلك توجهت إلى السطح المتواجد به الأفعى والأطفال من الناحية الأخرى، وإذا بي اكتشف أن هناك أفعى أخرى أكبر من الأولى، لكنها بنفس اللون والشكل، فحاولت الهجوم علي إلا أنها لم تصبني بأذى...

.

خلاصة الأمر أنني بعد ما استيقظت شغلني هذا الحلم ولم أستطع التفكير في أي شيء آخر، فبدأت اسأل وأبحث عن معنى هذا الحلم الذي شدني، فأخبرتني إحدى الصديقات أن الأفعى في الحلم تعني الأعداء وهم يحاولون التربص بك، وفي موقع تفسير الأحلام وجدت أن رؤية الأفاعي في الحلم ترتبط بالأعداء فعلا أو بالأصدقاء المخادعين । .

.

هل لدي أعداء؟...

.

. فوقفت وقفة مع نفسي أتساءل:

هل لي حقا أعداء؟

وكيف لي أن أعرفهم؟

بل ولماذا سيكون لي في الأصل أعداء؟

.

فانغمست في التفكير والتحليل، فوجدت أن:

.

هناك من يملك أعداء لأنه أوجد هذه العداوة ...سرق ونهب وقتل وظلم وشرد وحرض وسفه وفتّن ...

وهناك من لا عداوة له لأنه هادن وسالم وغض وتنازل وسكت وتجنب ...

وهناك من يملك أعداء لأنه كشف وصدح وجهر وأقدم وأفصح وآزر ...

.

طبقات ثلاث كل منها تفصح عن مذهب صاحبها في الحياة ومنهج معاملاته وعلاقاته بالناس والمحيط...

.

منا من يصنع العداوة لأنه مارس الاعتداء بأبشع أشكاله، واستنجد بقاموس العداوة ليستخرج منه أشنع مكوناته ويقض بها مضاجع ...

ومنا من آثر السلامة والاستسلام فسكت في مواضع النطق وتساهل في مواضع الحزم، وتخاذل في مواضع النصرة وتأخر في مواضع ...

وربما يكون قد حاز على لقب جبان أو أناني أو لا ... لكنه تجنب أي من مصنفات ...

ومنا من تصدى للظلم ووقف في وجه الباطل وجهر بكلمة الحق، وتكلم حين يجب الكلام وإن كان الثمن باهظا، ونهض حين انتهى وقت القعود وأسرع حين انتهى وقت الإبطاء.. وهذا كريم محاسن صفاته أوجدت لئام..

.

أين أنا من هؤلاء؟


يمكننا معالجة الخطيئة بالندم...

والبخل بالكرم ...

والخصاصة بالصدقة...

والكسل بالهمم...

والهدم بالبناء...

والرجاء بالأفعال...

والصمت بالأقوال...

والخيانة بالوفاء...

والجراح بالدواء...

والبعد باللقاء...

وربما نعالج العداوة بالمودة أو نحتويها ...

.

أمام كل هذه التعريفات أين أنا من هؤلاء؟

فأنا إنسان أحب الناس كل الناس وأحب الخير للجميع، لا أحمل لأحد في قلبي ضغنا أو حسدا أو سوء، أسعى لملئ أجواء من حولي مودة وأخوة وحبا ولا أرد لأحد طلبا، وليس لي من الأمور ما احسَدُ ...

محيطي مجموعة أصدقاء وأحباب وإخوة لي في الله، تجمعنا روابط ديننا الحنيف ونسعى لدعم بعضنا البعض والسؤال عن بعضنا البعض أمام انشغالات الحياة وتحدياتها التي لا تنتهي...

فمن أين سيأتي الحسد؟

بل ومن أين سيأتي الأعداء؟

لا أظن أن لي أعداء!!

وإذا كانوا موجودين فالعيب فيهم!!

لأنه منتهى الغرابة أن يكون المسلم بهذه الصفات!

وأن يكيد لأخيه المسلم ويحسده ويبغضه!

فليست هذه مبادئ ديننا ولا سمات أهله

.

لا تظن بأخيك إلا خيرا

.

لا أصدق مثل هذا ...

ولا أريد أن أصدقه!! ...

نعم! كل إنسان له هفوات

ولا يخلو أحد منا من النقص

لكن هذا لا يعني أن نتتبع أخطاءه وزلاته وأن نعاديه ...

هاهو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمنا كيف نتعامل مع الآخر حيث قال: " لا تظنَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً" ...

.

فلنعُد لديننا وتعاليمه النبيلة، ولنتعلم غضّ الطرف عن الآخر، والعفو عنه وتقديم النصح له...

ولِنُحسن الظن ونلتمس الأعذار ...

وها هو أبو العتاهية يوصي بإحسان معاملة الآخرين والصبر عليهم، وقبولهم على علاَّتهم: إنّ في صحة الإخاء من الناس *** وفي صحـة الوفـاء لقلـة...

فألبس الناس ما استطعت على *** الصبر وإلا لم تستقم لك خلّة...

عش وحيدا إن كنت لا تقبل العذر *** وإن كنـت لا تجاوز ...

.

.

http://www.onislam.net/arabic/blogs/miscellaneous/129799-2011-03-27-10-19-32.html



. .

الجمعة، 18 مارس 2011

الدعم والعطاء بين العاطفة والفاعلية ..

.
الدعم والعطاء بين العاطفة والفاعلية
.
.
.
توصلت منذ أيام على بريدي الإلكتروني برسالة تدعو إلى التبرع بأدوية ليتم إرسالها إلى إخواننا في ليبيا، إلا أن الطريقة التي أرسلت بها استرعتني وأثارت الكثير من التساؤلات لدي، وتساؤلي الأول يتمحور حول ماذا لو اشترى كل مستقبِلٍ لهذه الرسالة نفس الصنف من الدواء؟ فلم يطلب منا أن نؤكد على النوع والكمية التي يجب شراؤها من الدواء وكذا مدى صلاحيتها.
وتساؤلي الثاني كان حول الطريقة التي سترسل بها الأدوية، لأن إرسال المواد العينية مكلفة جدا من جهة ومن جهة أخرى تصعب مراعاة المعايير المطلوبة لإدخالها إلى البلدان المحتاجة، ناهيك عن الإجراءات الجمركية والتصاريح المطلوبة من بعض الوزارات !
هذا الحدث جعلني أسترجع ما مرت به الكثير من البلدان الإسلامية من أزمات وكوارث طبيعية و حروب ونزاعات لعشر سنوات مرت أو أكثر، وكذا كل النداءات التي كانت تطالب بالتبرع بالمال والمواد العينية لنجدة المتضررين. الشيء الذي دفع بي إلى كتابة هذا المقال معتمدة فيه على تجربتي في العمل الإغاثي لسنوات وعلى عملي كصحفية، كدعوى لإعادة التفكير في طريقة تفاعلنا مع الأزمات وكمساهمة في دعم تحقيق العطاء الصحيح والدعم الأمثل.
ثم إن الكتابة عن هذه المعاني في قواميس العطاء تبدو صعبة التناول، لقِدم جذورها، وكثرة تناولها وصعوبة الوصول إلى معانيها وكنهها. ولن يتناول هذا المقال معاني العطاء، وإنما سنتطرق هنا إلى نوع واحد من العطاء والدعم وهو العطاء المادي أو العيني ولن يتم الخوض في أنواع العطاء النفسية منها أوالمعنوية أوالاجتماعية.
وتصدر حاجتنا لدعم الآخر أو التضامن معه عند معرفتنا بأحواله وبأزماته، وكثيرا ما ينتج هذا الإحساس الإنساني الراقي عند التأثر الكبير من جراء ما رأيناه أو قرأناه أو سمعناه ومعظمها من خلال وسائل الإعلام.. وهذا يمكن أن نطلق عليه ردة فعل تجاه موقف معين، أدت إلى طاقة عاطفية عالية نتج عنها الإحساس بالدعم ثم محاولة ترجمته إلى واقع..
.
لكن!!
هل فكرنا يوما في كيفية هذا الدعم أو العطاء؟
وهل فكرنا يوما كيف يمكننا تنظيم الدعم والعطاء؟
وهل فكرنا يوما عن ماهية عطائنا أو أسلوبه؟
.
وهنا لابد من لفت النظر إلى أن هذه العاطفة التي تدفعنا للعطاء والدعم لابد أن تسبقها أمور أخرى قبل تطبيقها، وهي معرفة ما يحتاجه الآخر أو المكروب ودراسة كيفية إيصال هذا الدعم له، لأنه كثيرا ما تغلب عن عطائنا العاطفية وكثيرا ما يفتقر دعمنا للفاعلية.
سأمثثل لهذا بداية بأحداث البوسنة والهرسك وكيف استفاد المتضررون بالمساعدات التي أرسلت إليهم من إخوانهم في أوروبا خصوصا.
كلنا تأثر بما شهدته البوسنة والهرسك من حروب ومجازر فحاول كل منا أن يقدم الدعم بحسب إمكانياته، ومن بين ما جُمِع لأهل البوسنة المواد العينية لأنها قريبة من أوروبا ومن بين هذه المواد ألبسة جديدة ومستعمَلَة حاول من نَقَلها إلى البوسنة توزيعها على بعض العائلات. وبهذا فقد يظن الذين تبرعوا ووزعوا أنهم قدموا العون لهؤلاء، لكن في الحقيقة فإن معظم ما توصلت به هذه العائلات كان غير مناسب لها، وهذا ما قصه الكثيرون في أحداث البوسنة والهرسك، فالمساعدات تصلهم بالأطنان لكن قليل جدا ما يمكن الاستفادة منه!
لذلك لابد من أن يتعرف المتبرع على الأحوال العامة للبلد الذي ينوي التبرع له، من الضروري أن يعرف ما هي عاداته في المأكل والمشرب، فها هو أحد رجال الأعمال يتبرع لكوسوفا إبان أزمتها بحاوية " Container" فاصوليا حمراء، وما لا يعرفه هذا المتبرع أن أهل كوسوفا لا يأكلون هذا النوع من القطنيات أبدا، مما اضطرهم لإطعامها القطط وبعض الدواجن الأخرى. وهذا آخر يتبرع بحاوية تحتوي على الهريسة " فلفل حار" لألبانيا!!!
طبعا هنا يطرح السؤال هل يتبرع الإنسان بما يحتاجه الآخر حقا، أم ما فاض عليه؟... سأترك لك الرد عن السؤال أخي القارئ।
.
وأعود لإكمال النقط التي على المتبرع معرفتها ومنها أوضاع العائلات عامة وعاداتهم في الملبس فلا يمكن أن نشتري وأن ندعو للتبرع بالملابس مثلا لأهل أندونيسيا ونحن في بلد يصعب إيجاد مقاسات هذا الشعب ككوننا في هولندا مثلا، أو أن نبعث ببعض الأزياء إلى باكستان من أوروبا أو من بعض البلدان الإسلامية الأخرى لأن لسكان باكستان عاداتهم الخاصة في الملبس وهذا ما حدث فعلا في باكستان عندما تعرضت لزلزال قوي، فقد تلقت كميات هائلة من الملابس ما أدى إلى تراكمها دون إمكانية استغلالها الأمر الذي تسبب في أمراض ومشاكل بيئية لا حصر لها...
نقطة أخرى غاية في الأهمية وهي الأدوية التي يحتاجها أهل البلاد المكروبة، فلابد هنا من معرفة ما يحتاجونه، وكيف سيتم تنظيم شرائه وجمعه وإرساله. فقد حدث في أحد البلدان والتي عرفت مؤخرا أزمة قوية أن أرسل المتضامنون بأدوية لهذا البلد وكانت معظها ضد مرض الملاريا والصداع ( الأسبرين) وللأسف فإنه لا يوجد أي أثر لمرض الملاريا في هذا البلد كما أن الشعب لا يشتكي كله من صداع في الرأس!!، وبهذا فقد كلفوا الأهالي والحكومة تكاليف باهضة هم في غنى عنها بل إنهم لا يطيقونها، لأن عليهم أن يتخلصوا من مثل هذه المواد، والتخلص منها لا يأتي هكذا عبثا!!!
نقطة أخرى تتعلق بالأهالي وأوضاعهم فمساعدة الأهالي في بيوتهم وبلدتهم يختلف عن طريقة مساعدة من اضطروا لهجرة ديارهم وذويهم، ولتقريب الفكرة فالتبرع بالطعام للاجئ يكون عن طريق وجبات جاهزة لعدم تمكنه من طهي الطعام بسبب انعدام الإمكانيات.
وأخيرا يمكن للمتبرع أن يوفر الوقت والجهد والمال إذا عرف أن موادا كثيرة يفضل شراؤها محليا كالأرز مثلا في أندونيسيا أو الاسبرين في غزة أو المواد الغذائية في معظم البلدان المتضررة.
.
أمر صعب فعلا أن يعرف كل منا كل هذه الأمور!!!
.
لذلك أناشد كل من يريد الدعم والتضامن مع الآخر أن يهذب عاطفة العطاء لديه وأن يبحث عمن يدعمه في ذلك، وخير ما يقوم به هؤلاء هو البحث عن أي هيئة إغاثية إنسانية ثقة ثم التعرف على مشاريعها ومحاولة دعمها، لأن مشاريع هذه الهيئات تقوم عن دراسة ميدانية مسبقة للبلد الذي يعيش الأزمات بل إنهم يعتنون بالأهالي المتضررة نفسيا واجتماعيا ومعنويا أثناء الأزمات من خلال برامج الطوارئ، وعلى المدى البعيد من خلال المشاريع التنموية.

.........
.
الناشر: موقع علامات:
http://www.alamatonline.net/l3.php?id=579
.