السبت، 23 أبريل 2011

كيف تستفيد المرأة المسلمة من المسجد

.
.
كيف تستفيد المرأة المسلمة من المسجد
.
.
إن المتتبع للسيرة النبوية الشريفة يلاحظ مدى اهتمام رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم بالمسجد وببنائه، فقد كان المسجد أول لبنة وضعها الرسول في بناء مجتمع جديد عند هجرته من مكة إلى المدينة المنورة وثاني لبنة كانت مآخاته صلى الله عليه وسلم بين المسلمين.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:
.

لماذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تحديدا بداية بهذين الأمرين؟

.
وهنا يمكننا الإجابة كالتالي:


.
أولا لتأكيد معنى ارتباط هذه الأمة بخالقها
وثانيا لتوثيق عرى الأخوة بين المسلم وأخيه المسلم
.

من هنا تتضح أهمية ودور المسجد في حياة المسلمين باعتباره المؤسسة التربوية والاجتماعية والثقافية والسياسية والإعلامية، فهو مجتمع يتواصل فيه المسلمون ويتزودون منه بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، منه ينهلون من العلوم والقيم السامية، فيه تسود روح الأخوة والمودة بينهم، وفيه يقيمون صلواتهم متساوين في ذلك لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
وكانت المرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الذين تربوا في المسجد وتعلموا فيه ونهلوا من خيراته.
وقد كان يُفسح المجال للمرأة في العهد النبوي لتدخل المسجد كلما تيسر لها ذلك وكان ترددها في المسجد بين حين وآخر يجعلها ترتبط مباشرة بحياة المسلمين العامة ، ففضلاً عن مشاركتها في العبادة وسماع القرآن يتلى في الصلاة فإنها تستمع لدروس العلم وكلمات التوجيه العامة وتعرف شيئاً من أخبار المسلمين الإجتماعية والسياسية ، وفوق ذلك كله تتعرف على أخواتها المؤمنات وتتوثق علاقات الصداقة والمودة.
وهذا يعني أن المسجد كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مركز اشعاع عبادي وثقافي وإجتماعي للرجل والمرأة على السواء [1].
.
المرأة وأهمية المسجد في حياتها
.
وقد كان للصحابيات رضي الله عنهن حلقات للعلم في المسجد النبوي، فقد سألت النساء رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخصيص يوم لهن لتعليمهن أمور دينهن، وفي ذلك حديث للبخاري ومسلم يقول: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَاجْتَمَعْنَ فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلَاثَةً إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ اثْنَيْنِ قَالَ فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ. [2]
.
من هذا الحديث يتضح لنا أن على المرأة أحيانا أن تسعى بنفسها لطلب العلم، لأن المرأة مثل الرجل مكلفة بتطبيق أحكام الإسلام مما يتوجب فهمها لبعض الأحكام والمسائل المتعلقة بها وبخصوصيتها كامرأة. وهنا لابد من تخصيص مجالس للنساء يستفسرن ويسألن فيها عن كل شيء يتعلق بأمورهن وبالمشاكل التي تتعرض لهن سواء كانت نفسية أم اجتماعية أم فكرية أم خلقية ومحاولة إيجاد حل لها وعلاجها، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لهن لحضور الدروس والمواعظ التي يقوم بها المسجد.
هذا ويساهم المسجد في زيادة وعي الناس وتصحيح الكثير من المفاهيم المتعلقة بالامور الحياتية المختلفة، ويساهم أيضا في محو الأمية والتي ترتفع بين النساء في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وتمكينهن من مدارسة القرآن الكريم زيادة على ملء الفراغ الفكري والقلبي والعاطفي والثقافي لدى المرأة.
لمكانة المرأة المرموقة في الأسرة وفي المجتمع، ولتأثيرها القوي في من حولها اهتم الإسلام بالمرأة وبصلاحها الذي يعود على صلاح الأبناء والرجل وبالتالي صلاح المجتمع.
.
صلاح المرأة صلاح المجتمع
.
وأهمية صلاح المرأة لصلاح الأسرة أكثر من أهمية صلاح الرجل لصلاحها و ذلك لأن المرأة لها التأثير المباشر في تكوين أخلاق الأطفال و طباعهم و عاداتهم أكثر من الرجل بكثير ، لعدة أسباب : منها ما وهبها الله من عاطفة متدفقة و لين في الطبع و الاندماج في أمور الصغار على مقدار طباعهم ، و لما كان للمرأة كل هذا الأثر في تربية الطفل كان لابد من العناية بتكوينها تكوينا راقيا و العمل على جعلها قدوة صالحة و أسوة حسنة و يكون بتعليمها ما تكون به المربية الفاضلة و تربيتها تربية إسلامية حسنة و ملء قلبها و نفسها بالإيمان و الخير حتى تنشئ لنا جيلا فاضلا و مهذبا .[3]
.
ومن حِرص الإسلام واهتمامه بتعليم المرأة وبدعمها على تحمل مسؤولياتها تجاه نفسها واسرتها وبأن تكون عنصرا فعالا وصالحا في مجتمعها ترغيبه في حضور المرأة صلاة الجماعة وصلاة الجمعة وصلاة العيدين وسماع خطبة الجمعة والعيد – حتى لو كانت معفاة من الصلاة-. ناهيك على الاجر التي تفوز به المرأة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا وراح " [4].
وذهب الكثيرين إلى أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها بالمسجد، إلا أن الذهاب إلى المسجد لا يقتصر فقط على الصلاة، وفي ذلك قول جميل للعلامة الدكتور يوسف القرضاوي حينما سئل يوما عن ذهاب المرأة للمسجد لصلاة التراويح يمكن الرد به على ماسبق، حيث يقول: "ما لم يكن وراء ذهابها – أي المرأة- إلى المسجد فائدة أخرى غير مجرد الصلاة، مثل سماع موعظة دينية، أو درس من دروس العلم، أو سماع القرآن من قارئ خاشع مجيد . فيكون الذهاب إلى المسجد لهذه الغاية أفضل وأولى . وبخاصة أن معظم الرجال في عصرنا لا يفقهون نساءهم في الدين، ولعلهم لو أرادوا لم يجدوا عندهم القدرة على الموعظة والتثقيف، فلم يبق إلا المسجد مصدرًا لذلك فينبغي أن تتاح لها هذه الفرصة، ولا يحال بينها وبين بيوت الله".
وليس من حق الرجل أن يمنع زوجته من الذهاب إلى المسجد إذا رغبت في ذلك إلا لمانع معتبر . فقد روى مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " . والمانع المعتبر شرعًا: أن يكون الزوج مريضًا مثلاً، وفي حاجة إلى بقائها بجواره تخدمه وتقوم بحاجته . أو يكون لها أطفال صغار يتضررون من تركهم وحدهم في البيت مدة الصلاة وليس معهم من يرعاهم، ونحو ذلك من الموانع والأعذار المعقولة. [5]
.


ومما سبق تتضح جليا فوائد المسجد وتأثيره في حياة المرأة المسلمة بحيث يعتبر المسجد المتنفس الوحيد للمرأة اليوم – خصوصا في الغرب-، كما كان في عهد رسول الله صل الله عليه وسلم، ففيه يمكن للمرأة أن تتبادل الخبرات مع أخواتها النساء في كل مناحي الحياة، وفيه تستطيع المرأة الترويح عن نفسها من الضغوط اليومية التي تواجهها .
.
المرأة معلمة الأجيال
.
كان للمرأة دور لا ينكره أحد في التدريس في حلقات المساجد، وقد سجلت المصادر التاريخية عشرات المعلمات اللاتي جلسن للتدريس، وكان لهنّ حلق خاصة بهن، وكانت أم الدرداء، واسمها هُجيمة بنت حُيي، صاحبة حلقة في مسجد دمشق، وقد روت عن أبي الدرداء، وعن سلمان الفارسي، وفضالة بن عبيدة رضي الله عنهم، واللافت أن عبد الملك بن مروان قد أخذ العلم عنها، وكان مواظبًا على حضور درسها حتى بعد كونه أميرًا للمؤمنين. [6]
.
كما ذكر ابن بطوطة في رحلته أنه سمع صحيح الإمام مسلم في الجامع الأموي في دمشق على يد الشيخة المعلمة زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم (ت 740هـ)، كما أجازت له الشيخة الجليلة عائشة بنت محمد بن مسلم الحراني (ت 736هـ) التي كانت تروي فضائل الأوقات للإمام البيهقي
[7] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:

.
[1] – عبد الرحيم علي: "الاختلاط بين الرجل والمرأة"
[2] - رواه البخاري و مسلم و اللفظ للبخاري
[3] – الدكتور سعيد صوابى : المرأة في الشرق والغرب
[4] – متفق عليه
[5] – د. يوسف القرضاوي
[6] – د. راغب السرجاني، موقع قصة الإسلام : "المسجد ودروه في الحضارة الإسلامية"
[7] - ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة ص70، والصفدي: الوافي بالوفيات 16/348.
.
.

بقلم: فوزية محمد
.
http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=17158
.