الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

مقابلة مع الدكتور مثنى الكردستاني: فكرنا الإسلامي مبني على التكامل لا على الصراع



مقابلة مع الدكتور مثنى أمين الكردستاني
"فكرنا الإسلامي مبني على التكامل لا على الصراع"





 
بداية من هو الدكتور مثنى الكردستاني؟
د. مثنى أمين الكردستاني من مواليد العراق، منطقة إقليم كردستان/ من حلبجة الشهيدة.
حاصل على الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الإسلامية، والماجستير والدبلوم العالي في العلوم السياسية/ تخصص العلاقات الدولية.
عمل في القاهرة كمستشار لقضايا المرأة والطفل ثلاث سنوات في اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل.
عمل في الكويت كباحث مختص ومحاضر ومدرب في المركز العالمي للوسطية في الكويت مدة ثلاث سنوات.
يعمل حاليا في جامعة السليمانية في كردستان العراق.
عضو القيادة في الاتحاد الإسلامي الكردستاني في العراق كمسؤول للعلاقات العربية والإسلامية.
له كتب عدة من بينها: كتاب في مجال حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر: دراسة نقدية بين المنظور الإسلامي ومقارنة بين الغربي الإسلامي، وهو من 450 صفحة.
شارك في عشرات المؤتمرات والندوات العلميةن وقدم محاضرات ودورات في أكثر من 20 دولة حول العالم.
هلا حدثتنا دكتور مثنى عن أسباب زيارتك لألمانيا؟
وجودي في ألمانيا جاء على إثر إشرافي على تنظيمات الإتحاد الإسلامي الكردستاني أولا والإشراف على عقد مؤتمرهم التنظيمي واختيار أعضاء الفرع الجدد والقيادة الجديدة للعمل الإسلامي الكردستاني هنا في ألمانيا.
كثيرا ما يُتَّهَم الكرديون بالانفصالية، ما قولكم في ذلك؟
اذكر في سنة 1995 كان الحزب الذي يحكم في كندا انفصاليا وطرح مشروع استفتاء للانفصال وحصل هذا المشروع على 49% من أصوات الناخبين وهذا يقارب النصف لكنه دستوريا لم يحصل على الاغلبية المطلوبة ، فلا الحزب شن حربا ولا الكنديين انتقموا منه لانه طالب بالاستفتاء على الانفصال، هؤلاء احترموا رغبتهم في الاستفتاء وهؤلاء احترموا النتائج التي آل اليها، لماذا لدينا نحن المسلمون فقط تنفصل السيف مباشرة على رقبتك، من اراد الانفصال فلينفصل، ولماذا اصلا نحن نربط بين انفصال سياسي وقضية المعتقد الديني، هل التوحيد يلزم المسلمين جميعا ان يكونوا في دولة واحدة، وهل يمكننا القول ان الاخوة الكويتيين الذي رفضوا الوحدة مع العراق هم منافقين ابدا هذا غير صحيح لان قرار للاخوة الكويتيين في تلك اللحظة ان يبقوا منفصلين عن طاغوت مثل صدام وانا اتفهم تماما لماذا يصرون ان لا يكونون مع العراق. انا ككردستاني اذا اتيح لي الانفصال عن صدام والله انفصل ولماذا ابقى معه يعبث بدمي وبي، اذا توحدت الامة واصر انا على الانفصال اكون اثم شرعا، اما الان فالامة ممزقة وعبثية عشرة الاف عاملين دولة و40 مليون تطلبون منهم ان يخضعوا للترك والفرس وغيرهم ، هذا غير منطقي بالمرة.
 
نفهم من كلامك ان جل الاكراد لديهم رغبة في الانفصال؟
لو قضيت عمرك كاملا تقنع كرديا بالبقاء تحت حكم ظالم بهذا الشكل ما افلحت ابدا وسوف يرفضك ويرفض كلامك كله، والذي حصل انه عندما جعلنا الدفاع عن القضية الكردية مرتبطا بالخروج عن المنهج الاسلامي خرج الناس عن المنهج الاسلامي وما تركوا القضية الكردية لان هذه حياتهم، امنهم، دمائهم، مصيرهم، اموالهم، وحقوقهم، ولماذا اصلا تخيروهم بين ان يتركوا المشروع الاسلامي او ان يتركوا المشروع القومي الذي هو اصلا ليس مشروعا عنصريا، ومن الاكيد انك اذا لم تحترم حقي في العدالة معك لن اقبل بالحياة معك وهذه ليست تهمة انفصال بل هو حقي في ان اعيش حرا وارفض الطغيان الذي تفرضه انت علي والا ساويني بنفسك اريد العدالة بيننا، الشخص عندما يكبر ويتزوج يريد الحرية والخصوصية لو وجد كل هذا في اطار البيت الواحد البيت الكبير سوف لن يذهب بعيدا ليتعب نفسه بشراء بيت واستاجار وانفصال لا يكلف نفسه كل هذا، لكن لو وجد ان بيت الوالد لا يستوعب حرياته ويراعي خصوصياته كما يجب فسينفصل حتى عن والده ولماذا تريدني ان ابقى متوحدا مع دولة لا تحترم ابسط حقوق الانسان تعاملني مثل الحيوان تدوس على راسي، وهذا ليس من المبالغة.
.
.
هل يشعر الاكراد بالغبن لهذا الحد؟!
لو ذكرت لكم الاهوال التي تحدث خاصة في ايران حيث يواجهون بتهم مزدوجة بكونهم كردا وكونهم سُّنة وفي تركيا ايضا بعنصرية ، في الدولة العثمانية كانت تكتب كردستان هكذا حتى جاء العلمانيون ومحوا هذه الذاكرة، جماعة النورس في تركيا مؤسسها هو كردي الشيخ النورسي وهو شيخهم الذي علمهم ورباهم على الدين ، والغريب ان الجماعة الكبرى طبعت كل كتب الشيخ ومسحت كل كلمة فيها كردي وكردستان وكردي، وهو لم يكن يقصد بهذه الالفاظ شئ انما كان مثلا يروي فيقول مررت بقرية كردية ، وتكلمت مع فلان وقلت له باللغة الكردية، هذه العنصرية معششة حتى في قلوب الاسلاميين في تركيا ونحن نعاني منها، في ديار بكر مثلا التي هي كلها اكراد وخلال مناشط الطلبة يلزمونهم باللغة التركية ويمنعون عنهم الكردية وهو كلهم كردا، ومن غير العربية لا توجد في الشرق كله لغة اوسع من اللغة الكردية وان اجزم بذلك لاني اتقن اللغة الكردية واعرف انها اوسع واجمل من التركية والفارسية وغيرها الا العربية، والتركية والاردية والفارسية هذه اللغات لو استخرجت منها الكلمات الاجنبية فسوف لن تبقى لغة للتفاهم اطلاقا واسالوا المختصين في هذا المجال، لكن اللغة الكردية ليست كذلك فهي مستغنية عن جميع اللغات وهي ثرية بالادب والثقافة والتاريخ لان هذا الشعب كان قد ساهم في بناء الحضارة الاسلامية كما تعلمون وساهم بمئات العلماء من امثال ابن خلكان وابن الجزيري وابن المستوفي والاعمدي كلهم كانوا من ابناء هذا الشعب، ولماذا أصبح هذا الشعب اليوم يتيما على مائدة اللئام؟ يُقتَّل ولا نصير له، ويُتهم بأنه انفصالي!
بحكم جولاتك وإقامتك في كثير من الدول العربية والإسلامية مثل القاهرة، السودان وإيران والكويت، كيف ترى دور المرأة هناك، كيف ترى نشاطها؟ أين هي المرأة المسلمة في هذه الدول؟
غائبة ومغيِّبة.
 
كيف ذلك؟
غائبة للأسف بعدم حرصها على المشاركة الجادة الواسعة في العمل الإسلامي، واكتفائها ببعض الانشطة التي تكون ربما هامشية لو نظرنا إلى إمكانية المرأة في المشاركة الجادة.
ومغيبة بعقل إسلامي مجتمعي عام لا ينظر نظرة مساواة إلى المرأة بالطريقة الشرعية ونحن لا نتكلم على نظرة المساواة المطلقة كما هي لدى الغربيين لكن نتكلم عن المساواة في إطار من الشريعة والإنصاف والعدل، هذه النظرة للأسف منتشرة في مجتمعاتنا الإسلامية، وحتى الجماعات الإسلامية العريقة لم ترق إلى مستوى تفعيل المرأة في العمل الإسلامي كما يجب وينبغي، فلا زالت الحركات الإسلامية متأثرة ببعض الثقافات التقليدية، وكذلك ساعدت بعض الظروف الأمنية على انكماش حضور المرأة في العمل الإسلامي لأن الحركة الإسلامية لا تريد أن تُورِّط المرأة في الكثير من الأنشطة التي كانت تُعتَبَر ورطة بالنسبة للوضع الأمني وتعتبر ربما مثول للمرأة أمام الجهات الأمنية، والكثير من التحديات التي لا تستطيع أن تطيقها، لكنني أقر في حقيقة الأمر أنه لا فقه الحركات الإسلامية تماما ارتقت إلى هذا المستوى من النُضج ولا المرأة المسلمة نفسها، المرأة الآن أيضا مترنحة في اتجاهات شتى، فهي تريد الإبقاء على الثقافة التقليدية والتحرر والتمثل ب "الفيمينست" والجندر كما هي موجودة في العالم الغربي، وحتى في الإطار الإسلامي تجدين إسلاميات كثيرات يتكلمن عن بعض القضايا في الفكر الإسلامي متعلقة بالنساء كأنهن لسن منتميات للحركة الإسلامية او للإسلام، وهذا يشير إلا أن هناك غلو في الأمور، في الوقت الذي نحن بحاجة فيه إلى التوازن وإلى التأكيد على إنسانية الإنسان الشاملة للمؤمنين والمؤمنات، بحاجة إلى فتح الآفاق للمرأة المسلمة لكي تمارس أدوار حضارية خارج إطار الاسرة مع الاحتفاظ التام بكل مقومات الاسرة السعيدة.
كيف هو وضع المرأة في الإتحاد؟ هل تتقلد المرأة بعض المناصب العليا؟
المرأة موجودة في كل المناصب، فأعلى سلم قيادي تتقلده 3 أخوات من بين 12 قائد، ومن بين 35 لدينا 9أخوات في أعلى الهرم القيادي، وخصص الإتحاد نسبة 25% لمشاركة المرأة، وقبل تحديد الكوتا كان لدينا 5 قيادات من الأخوات في الحركة الإسلامية في وقت لم يكن لدى الأحزاب العلمانية والليبرالية أي تمثيل للمرأة داخل مؤسساتها. المرأة لدينا غير محجوبة من اي منصب، فلدينا مثلا في البرلمان ستة ممثلين 3 منهم نساء و3 منهم رجال.ولدينا أخوات مسؤولات عن مكتب الانتخابات ويعمل تحت إشرافها وإدارتها عديد من الرجال رشحنا ونرشح دائما أخواتنا في الوزارات وفي البرلمات وفي كل المناصب.. نحن لا نفرق بين الرجل والمرأة في عملنا الإسلامي وإنما نُدمجهم مع بعض في إطار من الشرعية والتفعيل، لكن لا نستطيع أن نزعُم أن التجربة كلها ناجحة مائة بالمائة لأننا نلاحظ أن بعض الأخوات عندما تُعطيها الحق في أن تتولى وتتصدر تجدها أحيانا تتأثر بالفكر العام المحاصصة والصراع وأعتقد أن هذا مأخذ يجب الانتباه إليه. ففكرنا الإسلامي مبني على التكامل لا على الصراع!
كلمة أو تعريف بالإتحاد الكردستاني؟
نحن في الإتحاد الكردستاني نفتخر بأننا جماعة جمعنا بين القيم الإسلامية والقيم الوطنية والقيم الديموقراطية، وعلى هذا نربي أجيالنا. نحن الحزب الوحيد الذي علم للكُرد الديموقراطية، ونحن الحزب الوحيد الذي تأسس بدون ميلشيات عسكرية لأننا ننبذ العنف، الحزب الوحيد الذي علم الناس كيف يكونوا شفافيين وقابلين بالتعددية، فمؤتمراتنا تشهد لنا بالشفافية لأننا وببساطة نقلناها مباشرة على وسائل الإعلام المختلفة بكل تفاصيلها من انتخابات وكلمات ومساجلات، ما اذهل العديد من المراقبين السياسيين.ونريد بهذا أن يكون الإسلاميون عنوانا للديموقراطية وللشفافية وللقومية، فهناك مئات الآلاف من الناس يعتقدون أن القومية نقيض للإسلامية فيذهب إلى العلمانية من أجل القومية وهذا حال الكثيرين من الكُرد في سورية، ليس هناك صدر حنين يجمعهم يقول لهم "كن كرديا قوميا في حدود حقوقك المشروعة وكن إسلاميا في نفس الوقت".
وإذا كانت الحقوق القومية العادلة لا يتبناها الإسلاميون فما وظيفة الإسلاميين؟. ألم تأت الرسالات والأنبياء لإقرار العدل؟، {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط}.
هل يدل هذا على ان هناك تقصير في دعم القضية الكردية من المؤسسات الإسلامية في بقاع شتى؟
المفروض أن يكون الإسلاميون قادة يدفعون الظلم والحيف عن الشعوب، أما أن يكون حال الكرد بهذا الشكل ولا يتكلمون عنهم فهذه مأساة.
في احد اللقاءات التي نظمها الجمهور العلماني الكُردي طُلِب منا أن نقدم كلمات كل القادة الإسلاميين دفاعا عن قضايا وعن الدماء الزكية التي أريقت فما وجدنا غير كُتَيّبٍ ما تجاوز صفحات معدودة قدمناها بخجل. وهذا ما يجب على الحركة الإسلامية أن تطرحه على نفسها، لماذا؟ والأمر يختلف مع ما حصل في البوسنة، والشيشان رغم ان هناك من المسلمين من لا يعرف اين تقع الشيشان على الخارطة لكنه تأثر بما حصل وتفاعل مع القضية!.
أنا أتحدث على مئات الآلاف من الدماء التي أريقت بدون حق، وما يحدث اليوم في سورية حدث معنا مثله بل اكثر منه، وأنا عشت هذه الآلام، فقد هاجرت مع أهلي إلى إيران وأنا ابن الرابعة من العمر وأتذكر إلى يومنا هذا كيف كنت جالسا تحت خيمة ومشرد! أحيانا كنا لا نجد الطعام فنأكل من الجبال، والطائرات تطاردنا في كل مكان، إن كل ما ترونه اليوم في حلب وحماة نحن رأيناه لعشرات السنين إلى سنة 1991م.
فهل كانت الأمة تتكلم عنا؟ هل كان يُعقَد عن قضيتنا مؤتمر؟ فأين هي الأمة من هذه المعاناة ، فالشعب الذي يربط بين العرب والفرس والترك هو الشعب الكردي، فلماذا دُمِّر هذا الجسر؟
كل الشكر لك دكتور مثنى على اقتطاف وقت لمحاورتنا رغم تزاحم مواعيدك، تمنياتي لك التوفيق والسداد، وإلى فرصة قادمة إن شاء الله.
.
.
تم النشر على صفحات موقع أون مغاربية:
.
.
 

هناك تعليق واحد:

  1. - حوارات متنوعة وقيمة: شكرا

    متابع

    تحية دكتورة فوزية،
    بصراحة لم تعن وسائل الإعلام كثيرا بقضية الأكراد، أتمنى أن يكون حوارك انطلاقة لمزيد من تسليط الضوء على هذه القضية المزمنة والحساسة.

    كل التقدير والامتنان


    في 31 أكتوبر 2012 الساعة 54 : 17

    ردحذف