الخميس، 4 أبريل 2013

صناعة الشعوب

.
صناعة الشعوب

.
رغم أنني استانست بصبر كبير واستجمعت لهفة المطالعة وتسلحت برغبة المعرفة، هذه الرغبة التي ينطبق عليها تماما اسم المصيبة اللذيذة خاصة لدى سيدة مثلي مشدودة إلى كل المحاور التي تتحرك حولها والتي تشتتها ويأبى العزوف أن يطال أحدها، فلا أنا يمكنني الاعراض عن بيتي وأسرتي التي هي روحي، ولا أنا تمكنت من نفض يدي من النشاط في صلب مؤسسات المجتمع المدني التي هي رسالتي أبدا، ولا أنا تمكنت من تسريح القلم أو الزجِّ به في عطلة طويلة لعله يظل عودته إلي فيرتاح وارتاح.
.
قلت رغم كل هذا ورغم البحث الذي أحسب أنه معمق والذي استهدفت به مصطلح "صناعة الشعوب" هذا المصطلح الذي أرهقني من كثرة الطواف حوله وعبثا حاولت الوقوف على تعريف سلس يشبع نهم المعرفة لدي وربما فضولي أيضا لكن جهودي بائت بالفشل.
.
أول المعضلات التي صادفتني وقطعت عني المضي في طريق التقرب من هذا المصطلح هو ذلك السؤال البديهي الذي يفترض أن تتوفر الاجابة عنه قبل الشروع في أي صنعة وهو التصميم أو النموذج أو الخارطة التي يجب أن تتبع لصناعة الشعوب، هل يمكن مثلا أن نجلب تاريخ الولايات المتحدة الامريكية كونه العملاق الاقتصادي الاكبر في العالم ثم نرسم نشوئه وتطوره في خارطة نعتمدها في بناء الشعوب؟!.
.
وماذا عن ناجازاكي وهيروشيما هل تدرج ضمن تفاصيل الخارطة؟
.
وماذا عن الصفقات الاقتصادية العملاقة التي عبدت لها قوات المارينزالطريق عبر أشلاء من جثث شعوب العالم الثالث؟
.
وأين تدرج صناعة المخدرات والجنس التي يعتبر دخلها وما توفره من ضرائب للخزانة الامريكية ركيزة اساسية من ركائز اقتصادها؟.
.
فهل تخويف الشعوب وترويعها هو نوع من صناعة الشعوب؟
وهل تجويعها هو نوع من صناعتها؟
أم أن إرهابها وقمعها هو لون من ألوان صناعتها؟
.

ربما تتحسن الصورة ويقترب النموذج المنشود حين نتطلع إلى تلك الشعوب التي صنعت نفسها بعيدا عن التهديد واقنعت بأدائها الاقتصادي والثقافي وأنماطها الاجتماعية دون أن تقحم الجيوش الجرارة والاسلحة الرادعة، ودون أن تبتز الاخرين بالهيئات والمنظمات الدولية ذات المهام السياسية والمالية والجنائية، اليابان والمانيا ما بعد النازية ونمور آسيا والمارد التركي العائد بقوة الى الساحة العالمية .. كلها عينات للاستئناس، لكنها مازالت بعيدة عن النموذج الرمز الذي نستطيع أن نقتنيه كخارطة جينية لصناعة الشعوب.
.
من خلال ما سبق هل يمكننا القول أن الشعوب تُصنَع؟،، وإن كان جوابنا بنعم، فكيف تصنع الشعوب إذن؟
.
وهل كل صناعة للشعوب صناعة تحترم الإنسانية وتُكرِّم الإنسان؟
.
وهل هناك أصلا صناعة لشعب يمكن أن نتخذها قدوة أو نموذجا؟
.
نُشر بتاريخ 3.4.2013 على شبكة الحوار نت الإعلامية:
 
.

هناك 4 تعليقات:

  1. ghnino 04-04-2013 07:07:02

    التعليق: موضوع جميل و طرح أجمل,بوركت على مجهوداتك الجبارة,و مرحبا بطلة قلمك علينا فمرحبا به نعم الزائر نحن شغوفون لرنين كلامك.


    ردحذف

  2. ghani 04-04-2013 07:49:45

    تسلم الأيادي ودام قلمك مليئا بحبر موضوعاتك الملفتة و المتنوعة و الهادفة فمرحبا به ضيفا عزيزا مرغوبا يؤنسنا

    ردحذف
  3. دام نبض قلمك 05-04-2013

    الموضوع جاء في وقته فعلا! فهامي الشعوب يعود تصنيعها بعد ثورات الربيع العربي. اسأل الله السداد لك كاتبتنا وللشعوب العربية الاستقرار والرقي،،


    ردحذف
  4. مقال رائع وسؤالك عن صناعة الشعوب في وقته وخصوصا بوجودالثورات التي حصلت، ولكن يبقى السؤال هل تصنع الشعوب؟؟؟
    وهل كل الشعوب في العالم تصنع بنفس الطريقة؟؟؟
    أقصد هل يمكن أن نأخذ تجربة شعب ما ونتبع نفس الطريقة التي صنه بها نفسه؟؟؟
    من وجهة نظري كل شعب له خصوصية وطريقة لكي يصنع نفسه..يعني الشعوب هي من تصنع نفسها بنفسها، ولكن للأسف شعوبنا تقف عاجزة عن صناعة نفسها؟؟!
    وأخيرا إجابة هذا السؤال تحتاج الكثير من للإجابة عليها

    ردحذف