الجمعة، 6 فبراير 2015

تأثير مظاهرات الحركة المعادية للإسلام والأجانب على مسلمي ألمانيا

       تأثير مظاهرات الحركة المعادية للإسلام والأجانب على مسلمي ألمانيا

.
                                                      Photo: Getty
.
„بيغيدا“، „ليغيدا“، „ديغيدا“،، كلها مسميات لمجموعة مواطنين أوروبيين ضد أسلمة أوروبا.
تعيش ألمانيا منذ أكثر من شهرين توترا ملموسا في العلاقة بين فئات المجتمع الألماني، حيث ساهمت حركة مواطنون أوروبيون ضد أسلمة أوروبا والتي أطلقت على نفسها اسم (بيغيدا) في زيادة العداء والتعدي على المسلمين ومؤسساتهم.
.
                                         Photo: Stephan Eickershoff / FUNKE Foto Services

فما فتئت مخاوف المسلمين تتبدد شيئا فشيئا حتى برزت هذه الحركات على الساحة تطالب بطرد المسلمين والأجانب من ألمانيا، وترفع شعار „لا لإسلمة أوروبا“، وقد وجدت هذه الأفكار والشعارات أرضية خصبة تنمو وتترعرع بها خصوصا من خلال الإعلام والذي يحاول في نشراته الإخبارية التي لا تتعدى الخمسة عشر دقيقة التطرق إلى خبرين أو ثلاثة حول المسلمين ونعتهم في معظم الأياحين بالمتطرفين أو الإرهابيين في وقت شهدت وتشهد فيه ألمانيا تطورا ملموسا في انخراط مسلميها في المجتمع على مستويات مختلفة، فقد اعتلت مثلا “إيدين أوزوغور” من أصول تركية منصب وزيرة الدولة للإندماج، وهذا عبد الصمد اليزيدي من أصول مغربية يترأس المجلس الولائي للمجلس (NRW) الأعلى للمسلمين بألمانيا بولاية هيسن، وسمير بوعيسى بولاية الغرب، وغيرهم كثير في مؤسسات حكومية وتعليمية وغيرها: محامين، دكاترة، جامعيين، إعلاميين وتجارا…
.
.
بالرغم من هذا كله يتعرض المسلمون إلى التهميش والعنصرية، إلا أن الأمر زاد حدة مع زيادة نشاط حركة „بيغيدا“ والتي تنظم مظاهرات أسبوعية كل اثنين بمدينة دريسدن شرق ألمانيا عاصمة ولاية سكسونيا، فخطت نفس خطواتها مجموعات أخرى في مدن أخرى من ألمانيا، فهذه „ليغيدا“ قامت لحد الآن بثلاث مظاهرات بمدينة لايبتسيغ، وقد حضر المظاهرة 15000 متظاهرا، فيما تراجع العدد في آخر مظاهرة ليصل إلى 1500، ولم تكتف الحركة بالتظاهر بل تجاوزتها إلى التهديد المباشر للمسلمين ، منهم السياسيين ، ومنهم نواب في البرلمان الألماني (بوندستاغ) بحسب مجلات قطرية ألمانية، وكذا إلى الإساءة اللفظية لهم ولدينهم، تسببت المظاهرات أيضا في الداخل إلى إيذاء العديد من رجال الشرطة، وإلى القيام بأعمال الشغب والعنف فحرقت محطات القطارات، كذلك تم الاعتداء على الأشخاص المناهضة للحركة ومضايقة الصحفيين والإعلاميين الذين يغطون التظاهرات، بالإضافة إلى الجهد الذي يبذله الأمن في تأمين المظاهرات، فقد وصل عدد أفراد الشرطة -مثلا- في آخر مظاهرة إلى ألف شرطي!.
هذا وقد تأثر اقتصاد ألمانيا خصوصا مدينة دريسدن بهذه المظاهرات الأسبوعية، وذلك في المجال السياحي والذي يمثل مصدر دخل أساسي لهذه المدينة، حيث تعتبر مدينة دريسدن مَعلَما سياحيا يقصده الألمان، وبحسب مركز التسويق السياحي فإن عدد السياح لمدينة دريسدن الألمانية يصل لأكثر من سبعة ملايين سائحا سنويا، وأن هذه المظاهرات قد أضرت وستضر بالسياحة خصوصا في الموسم الحالي والذي يبدأ من شهر يناير إلى شهر يونيو.
.
                                              "Dresden from "MalteF-Wikimedia

 بالإضافة إلى الخسائر العلمية، فمدينة دريسدن تعتبر “بحسب الجزيرة” „أكبر مركز بأوروبا لبحوث التقنيات الإلكترونية والبرمجية وتقنية النانو والبيولوجيا“، وتكمن الخسائر في تغيير عدد من الباحثين والطلاب الأجانب من جامعة دريسدن إلى جامعات أكثر أمنا داخل ألمانيا.

هذا التأثير وهذا العنف المباشر والغير المباشر يبدو غير مقبول حتى لدى أقرب العاملين مع الحركة، فهذه كاثرين أورتل المتحدثة الإعلامية (السابقة) باسم الحركة، والتي استلمت قيادتها أيضا بعد استقالة مؤسسها لوتس باخمان من أسبوعين، تنسحب من مسؤولياتها في الحركة وتسعى لتأسيس مؤسسة أخرى تحت اسم (حركة لدعم الديمقراطية).
.
                                                       Kathrin Oertel

أما على الصعيد الخارجي فإن سمعة ألمانيا قد تأثرت من مظاهرات حركة „بيغيدا“ وأخواتها، هذا وأدى الوضع برمته إلى انقسام ملحوظ داخل المجتمع الألماني، فالعديد من الألمان يرون خطورة في هذه الحركة داخليا وخارجيا، فهي تؤثر على نسيج المجتمع، ما دفعهم بالمشاركة في مظاهرات مضادة لحركة „بيغيدا“،
.
                              مظاهرة رافضة ل"بيغيدا" بمدينة كولن - Photo: dpa
.
 ويؤكد استطلاع الرأي الذي أجرته مجلة “دير شبيغل” والذي أكدوا أن فقط ١٣ ٪ من الألمان مستعدين للمشاركة في تظاهرات ضد المسلمين.
وبالرغم من أن نسبة المؤيدين للمسلمين أكبر، إلا أن الخوف قد تمكن من حياة الكثير من المسلمين والذين يتعدى عددهم الخمسة آلاف مسلم في مدينة دريسدن، معقل „بيغيدا“، فقد غادر بعضهم المدينة فيما يفكر آخرون في مغادرتها حفاظا على أرواحهم وأهاليهم، لقد استغلت حركة „بيغيدا“ وهي الحركة اليمينية ما تروجه وسائل الإعلام في وقت عانى فيه المسلمون من الإهانة الاجتماعية ومن العداء وعدم الأمان والذي جاء من جراء الهجوم على المساجد وروادها، ويبدو أن الكره للإسلام دفين في هذا البلد ولدى الأحزاب اليمينية المتطرفة بشكل عام، ففي مدينة دريسدن قتلت الصيدلانية مروة الشربيني سنة 
2009 م داخل المحكمة على يد يميني متطرف، وبمدينة دريسدن قٌتل اللاجئ الإيريتري خالد إدريس بحري طعنا  يناير 2015، وهذا رئيس وزراء سكسونيا تليش لا يعترف بتصريح المستشارة ميركل بأن الإسلام أصبح جزءا من ألمانيا، ليؤكد أن الإسلام لا ينتمي لولاية سكسونيا.
.
                      Stanislaw Tillich,© Malte Ossowski/SVEN SIMON/dpa Picture-Alliance

 هذا وقد انتقلت العدوى إلى الأراضي النمساوية والتي شهدت يوم الإثنين مظاهرة لحركة بيغيدا حضرها المئات، إلا أنها قوبلت برفض واضح من المواطنين النمساويين والذين خرجوا في مظاهرة وصل عددها إلى خمسة آلاف متظاهر، هاتفين ومؤكدين على رفضهم لها ولمحاولاتهم في خلق الفتنة بين أفراد المجتمع.
وقد عرفت ألمانيا أيضا تضامنا ملحوظا مع المسلمين والأجانب، فقد عبرت فئة واسعة من الألمان وكذا الكنائس والجالية اليهودية عن رفضها لأهداف الحركة وتعاملها مع الجالية المسلمة والأجانب و خوفها من عودة النازية التي عانت لسنوات من مخلفاتها، وذلك من خلال تظاهرات عرفت أحيانا أعدادا فاقت أعداد الحركة في العديد من المدن الألمانية، ومن خلال بيانات وفعاليات مختلفة.
فهل ابتدأت الحركة في التقلص؟ هذا ما ستؤكده الأيام القادمة! خصوصا أن العديد من الدول الأوروبية قد شهدت تأسيسا لمجموعات مشابهة لها كإسبانيا وسويسرا والتشيك والسويد والدنمارك والنرويج إلا أن عدد المشاركين فيالمسيرات هناك كان ضعيفا.
 .
http://shemspress.com/952/
.

هناك تعليقان (2):

  1. فبراير 8, 2015 الساعة 10:34 م
    The muslims they are targeting are Europeans too and have the same rights so countries in the region should find a way to solve their internal tensions!
    Great article Dr Fouzia!

    ردحذف
  2. فبراير 16, 2015 الساعة 10:04 ص
    حسبي الله ونعم الوكيل هذه اخبار محزنه ومخيفه ربي يكتبلكم السلامة ويحفظ المسلمين في سائر البلاد استغرب كون الدول الغربيه تنادي بالحريه والديمقراطيه وهذا يسمى تطرف
    الاولى بالالمان معاداة اليهود وليس الاسلام

    ردحذف