الجمعة، 12 مارس 2010

لقاء مع الاستاذ طارق عفيفي عبد العليم..

.
.


يأتي هذا الحوار في إطار سلسلة الحوارات التي قمنا بها لإعداد ملف غزة بعد مرور عام على اجتياحها


والتقى الحوار نت مع الاستاذ طارق عفيفي عبد العليم

مدير الإغاثة الإسلامية بألمانيا Islamic Relief

بعد عودته من غزة بشهر نوفمبر 2009
.
"آثار الحرب لا زالت مرسومة على وجوه الناس"
.
الحوار نت: سبقنا واجرينا مع حضرتك حوارا أثناء الحرب على غزة، فحدثتنا على مشاريع الإغاثة الإسلامية آنذاك، سؤالنا هو هل حققت الإغاثة الإسلامية كل المشاريع التي وضعتها أم لا؟

الأستاذ طارق عفيفي: بعد انتهاء الحرب على غزة ظن الجميع أن الأموال التي وُعِدَت بها غزة لإعادة الإعمار ستدخل قطاع غزة إلا أن هذا لم يتم ولم تدخل هذه الأموال إلى القطاع، ولم يُسمح معها بإدخال مواد البناء!.
والمشكلة ليست فقط في إعادة البناء فإعادة الإعمار ليست فقط مبنى يبنى وإنما تعم كل القطاعات الموجودة والتي تحتاج إلى موارد، الأراضي تحتاج إلى مياه وإلى مواد زراعية واستصلاحية، المستشفيات تحتاج إلى أجهزة وإلى أدوية، القطاع التعليمي يحتاج إلى كتب وكراريس وكراسي وإلى إعادة تأهيل المدارس مرة أخرى، الناس تحتاج مياه صالحة للشرب ل، 90 % من مياه غزة غير صالحة للشرب، فيضطرون للحفر في المياه الجوفية والذي يحتاج إلى آلات ضخمة لضخ المياه وقبلها آلات حفر لتوصيل المواسير والأنابيب لعمق 60 إلى 80 متر تحت الأرض، ويحتاجون كذلك إلى بنزين أو سولار أو كهرباء لتشغيل هذه الآلات. أريد أن أقول أن مسألة الإعمار هي قضية كبيرة أكبر بكثير من قضية إعادة تأهيل منازل أو ترميم بيوت. بالنسبة للإغاثة الإسلامية فكان لدينا برامج قبل الحربوكنا متواجدين في قطاع غزة وفي أغلب القطاعات، ولما كانت الحرب كان للإغاثة الإسلامية دور كبير جدا كان هدفنا تأمين حاديات أساسية محددة أولها المواد الغذائية ثانيها الأغطية والمراتب للناس، ثالثها تجهيز أجوات المطبخ كالفرش والسكاكين..ورابعها تأمين المياه النقية وخامسها تأمين المستشفيات بالمواد اللازمة خصوصا مع نسبة الإصابات والأزمة الصحية بصفة عامة. الإغاثة الإسلامية بذلت في هذه الخمسة محاور جهدا كيرا، ويكفي أو أقول لكِ أن موظفين الإغاثة الإسلامية كانوا يعملون 24 ساعة أثناء الحرب، لدرجة أن بعض الموظفين قال لنا أنهم عملوا في ظروف صعبة للغاية من ناحية هو يذهبون إلى مساعدة الناس ولا يعلمون هل سيعودون أحياء أم لا، ومن ناحية أخرى لا يعلمون شيئا عن بيوتهم وأهليهم وما يحتاجون إليه فقد كانت الأولوية للعمل الإغاثي.
وبعد انتهاء الحرب كان أمامنا تحديات كبيرة فالحصار لازال موجودا يعني هذا توفير المواد الغذائية، قطاع التعليم فالمدارس كانت قد توقفت أثناء الحرب فلابد من إعادة تأهيل التلاميذ، خصوصا وأن نسبة كبيرة من الأاطفال كانت لديهم صدمات عصبية يعني لم تعد لديهم القدرة على الاستمرار في الوضع الدراسي ، وهناك بعض الآباء من يحتاجون إلى تأهيل نفسي لأنهم كانوا عاجزين لإعطاء أبنائهم الدعم أثناء القصف والحرب، القطاع الطبي يحتاج إلى دعم وكذا قطاع المياه، لكن الحمد لله نحن نبذل كل ما في جهدنا للتخفيف من معاناة ومأساة الشعب الفلسطيني في غزة، وصرفت الإغاثة الإسلامية أكثر من 22 مليون دولار في قطاعات مختلفة في غزة من ديسمبر 2008 إلى يومنا هذا.
كما وأن الإغاثة الإسلامية كانت تعمل مع مؤسسات عربية ومؤسسات إسلامية ومؤسسات دولية في القطاع..

الحوار نت: بوصفك المسؤول الأول على الإغاثة الإسلامية في ألمانيا كيف تقيم أداء الجالية العربية والإسلامية من حيث التبرعات خلال وبعد الحرب على غزة؟

الاستاذ طارق عفيفي: هناك تأثير على المتبرعين يجعل أكثرهم لا يتبرع خاصة هنا في اوروبا نظرا لنظرة الغرب لغزة بالذات ولحكومة حماس، وأن من يدعمهم فهو يدعم الإرهاب مما أدى ذلك إلى نوع من التخوف للتبرع لدى المسلمين بأوروبا، ونسي هؤلاء من هذه الضغوط أنهم يُدعمون الجانب الإنساني ونحن لاندعم فصيلة عن أخرى بل ندعم العمل الإنساني والخيري في المنطقة بعيدين على الجانب السياسي. وتعتبر قضية غزة لدى المتبرع اليوم شبه منسية والسبب في ذلك انتهاء الحرب من جهة والوعود التي وُعِد بها قطاع غزة والذي يصل إلى ملايير الدولارات، لذلك يرى المتبرع أن القطاع الآن ليس في احتياج، فالأموال موجودة، وهذا ينقلنا إلى الجزء الثاني من القضية وهي قضية الحصار التي تمت قبل الحرب وأثناء الحرب وبعد الحرب، وهذا بدوره أعطى للمتبرع الإحساس أنه مهما تبرع فالأموال لن تصل ولن تدخل القطاع بسبب الحصار المفروض.
وفي الأخير نتمنى أن يكون أداء المسلمين في الغرب تجاه قضية فلسطين وغزة أكثر مما عليه اليوم.

الحوار نت: هل تلقت أو تتلقى الإغاثة معونات من بعض الألمان أو المؤسسات التابعة للشعب الألماني؟
.

الأستاذ طارق: تلقت الإغاثة الإسلامية ألمانيا بمبلغ وقدره 400 ألف يورو من الإتحاد الأوروبي لموضوع الإغاثة والطوارئ لدعم أهالي غزة.
.

الحوار نت: هل تتعرض الإغاثة الاسلامية لأي مشاكل أو معوقات تتعلق بعمل الإغاثة في غزة؟
.

الأستاذ طارق عفيفي: نعم، رغم أن الإغاثة الإسلامية لها مكاتب متعددة في قطاع غزة ولديها مشاريع كبيرة تنجزها في القطاع إلا أن هناك مشكلة ثقة لدى بعض المتبرعين – وقد تعرضنا لأسبابه سابقا- الذين لا زالوا يسألون ليومنا هذا هل نستطيع إدخال الأموال ومساعدة الشعب في غزة، وكيف يتم ذلك والقطاع محاصر، ولماذا يُسمح للإغاثة الإسلامية دون غيرها..
أعود فأقول أن لايمكن القول بأن الطريق ممهّد لدخول التبرعات وأن الإغاثة الغسلامية نظرا لموقعها الدولي الآن والاحترام والثقة التي تتلقاها أنها لا تواجه صعوبات. نعم نواجه بعض الصعوبات ولكنها تكمن مثلا في تأخير المساعدات التي نُدخلها للقطاع، أو عدم وجود الإمكانيات المالية التي يمكنها أن تساهم في مشاريع أكبر من المشاريع الموجودة، وأحيانا تأخير الإمكانيات المادية لإنجاز أحدى المشاريع مثلا كالمواد التي نحتاجها لتنفيذ مشروع المياه من الصعوبات الأخرى التي نواجهها عدم التنقل بصعوبة بين الداخل والخارج..ولكن التحدي الأساسي أننا نُحاوِل بقدر الإمكان أن لا نتكلم على الصعوبات بل ننظر كيف ننظر في كيفية مساعدة الناس حتى لو كان الطريق صعبا.
.

الحوار نت: هل لنا بشهادة من رجل إغاثة مثلك وقف بنفسه على أحوال الناس في غزة؟
.

الأستاذ طارق عفيفي: دخلت غزة في نوفمبر الماضي أي بعد مرور 11 شهر على الحرب الأخيرة، وبمجرد الدخول إلى القطاع يشعر المرء بشيء غريب، يشعر بالحصار ، ورأيت آثار الحرب لا زالت مرسومة على وجوه الناس، وكل من تقابله تجده لا يتحدث معك على أي موضوع إلا موضوع الحرب الأخيرة على غزة، وهذا يعني ان ذاكرة الحرب لازالت محفورة في اذهان الشعب الفلسطيني بغزة بشكل كبير. وهنا يتبادر السؤال التالي إلى الأذهان أين تكمن مشكلة الحرب الأخيرة على غزة؟ خصوصا وأن الشعب في غزة قد مرت عليه أزمات وكوارث عديدة واعتُدِي عليه مرارا وتكرارا وحوصر ولا يزال محاصراً، لكن هذه الحرب تعتبر أشد وأقوى الحروب التي مرت على الشعب الفلسطيني في غزة منذ الأزمة الفلسطينية على الإطلاق، ويظهر ذلك جليا في الشوارع التي تُبين حجم القصف الذي تعرض له القطاع.
.

الحوار نت: هل لا زال أثره لليوم؟
.

الأستاذ طارق عفيفي: لا زال أثره إلى اليوم، رغم أنه تمت إزالة آثار الحرب بشكل كبير إلا أن الآثار لا زالت مرئية، وإن كانت الآثار المادية بعضها أزيل فإن الآثار النفسية لم تَزُل بعد لأنها تحتاج إلى سنوات طويلة لإزالتها. والمشكلة الأكبر أن الأزمة الأخيرة زادت معاناة أهل القطاع دون أي انفراج، فهم كانوا محاصرين، وأحسوا أن بعد الحرب الشديدة عليهم سيكون هناك انفراج ورفع الحصار، بل بالعكس ازدادت القيود عليهم وازداد معها الحصار والمأساة. وهنا يجب لفت الأنظار إلى الروح المعنوية للناس التي كانت جد عالية على الرغم من الحرب القاسية فقد كان يظهر عليهم الصبر واليقين، فهم يعلمون بأنه لن تأتي أيام أصعب مما مرت عليهم طيلة هذه السنوات الأخيرة، وكلهم يقين أن هذا ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، وسمعتهم يقولون: " على حجم التحدي يكون الإنسان"، وهذا يعني أنهم يوقنون بأن الله يختبرهم اختبارا كبيرا لأنهم على ثغرة كبيرة من ثغور الإسلام والقضية الفلسطينية بشكل عام".
.

الحوار نت: ما هي كلمتك الأخيرة لمن بيدهم اتختذ القرارات؟
.

الأستاذ طارق عفيفي: إن عملنا في غزة هو قطرة في بحر كبير، فالاحتياجات الموجودة هي احتياجات كبيرة وتحتاج أولا إلى رفع الحصار، وثانيا إلى تسهيل دخول المواد اللازمة للقطاع على كل المستويات، وثالثا إلى إعادة الثقة للشعب الفلسطيني بنفسه لأن الأزمة كبيرة جدا والأمل ضعيف فهم يريد رؤية النور آخر النفق، ولكن للأسف الشديد هو لا يعرفون اين هم في النفق هل في أوله أم في وسطه أم قريبين من آخره، نتمنى طبعا أن يكونوا وصلوا لآخر النفق وعلى وشك أن يطلعوا للنور.
.
.
أجرت الحوار الصحفية فوزية محمد
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق