الاثنين، 8 فبراير 2010

الأستاذ طارق عفيفي عبد العليم في حوار مع موقع الحوار نت

.
بسم الله الرحمن الرحيم


الأستاذ طارق عفيفي عبد العليم ضيف على الحوار نت
حاورته فوزية محمد

.
المؤسسات الخيرية الإسلامية ودورها في دعم غزة

" عملنا دائماً هو من أجل حفظ كرامة الانسان"
:
:
يتابع المسلمون في أوروبا ببالغ الأسى، أنباء الفواجع المتتابعة التي تحملها إلينا وسائل الإعلام، من اعتداءات بربرية على المواطنين الفلسطينيين العزل منذ ظهر السبت (27/12). وأمام هذه الأوضاع المرثية التي يشهدها أهل غزة والقطاع، قمنا بزيارة لمقر الإغاثة الإسلامية " Islamic relief- Deutschland" بألمانيا، كولونيا، وأجرينا حوار مع مدير الإغاثة الإسلامية الأستاذ طارق عفيفي عبد العليم، للتعرف على الجانب الإغاثي وكيف يتم توصيل المساعدات إلى أهل غزة، وكذلك للخروج من مجرد التفرج والدعاء إلى خطوات عملية يمكنها تقديم الدعم للمتضررين هناك.

بادئ ذي بدء نرحب بالأستاذ طارق عفيفي عبد العليم مدير الإغاثة الإسلامية بألمانيا ضيفا على الحوار نت ونشكره على تلبية الدعوة وإتاحة الفرصة لنا وللقارئ الكريم للتعرف عن قرب عن عمل مؤسسة إغاثية إنسانية تعتبر من أكبر المؤسسات الإغاثية الإسلامية.
.

الحوار نت: هل للإغاثة الإسلامية أن تحدد بمعزل عن المحيط ماهية المضطر ونوعية العون أم أن هذه التعريفات تخضع للمحيط والأحداث؟.
.

الأستاذ طارق عفيفي عبد العليم: بسم الله الرحمن الرحيم، بداية اتوجه بالشكر لادارة الحوار نت والعاملين معهم على ما تقومون به من جهود في ميدان العمل الاسلامي. واسال الله العلي القدير ان يجعلها في موازين حسنتاكم يوم القيامة.

المضطر في أدبيات العمل الخيري والإغاثي هو كل انسان يحتاج الى عون ومساعدة من نوع ما. ويختلف هذا العون كل على حسب حالاته فهناك العون المعنوي والمادي وهناك العون المتمثل في تلبية الاحتياجات الانسانية الاساسية، وتختلف هذه الاحتياجات كل على حسب حالته فهناك الحاجة الآنية العاجلة وهو ما يسمى حالة الحفاظ على الحياة، وهناك حالة التحسين والمطلوب فيها تحسين الوضع الانساني ليحصل المحتاج والمضطر فيها على ما يصون كرامته، وهناك الحالة التنموية وهي عملية طويلة المدى الغرض منها تحسين البيئة المحيطة بالمحتاج ليصبح قادراً هو على القيام بسد احتياجته واحتياجات من حوله في المستقبل القريب والبعيد.
.

الحوار نت: كثيرا ما يقال أن السياسي يكبّل الإغاثي، وتدخلاته جد سافرة في معاملاته. فكيف تمكنت الإغاثة الإسلامية من التوفيق بين القيام بواجبها وإجتناب الإستفزاز والإصتدام؟
.

الأستاذ طارق عبد العليم: العمل الخيري والاغاثي عمل ذو حساسية بالغة لان نطاق العمل يتم في ظروف غير طبيعية فهناك من الكوراث ماهو طبيعي مثل الزلازل والفيضانات والجفاف ومنها ما هو نتيجة لأوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية مثل الفقر والجهل والمرض ومنها ما هو بسبب النزاعات المسلحة مثل الحروب والنزاعات. ومثل هذه الاوضاع تكون نتيجة لعدة مؤثرات افرزت هذه الاوضاع وبلا شك يحتل الجانب السياسي والاقتصادي العامل الاكثر تاثيراً في افراز هذه الاوضاع.
ولذلك يجب على العاملين في مجال العمل الخيري والانساني وكذلك سياسات المؤسسات الخيرية والانسانية ان تقوم على التخصص والحرفية وان تضع برامجها ونشاطاتها في مجالات العمل الخيري والانساني، فالتخصص يعني أن هذا هو مجال عملي ونشاطاتي وبرامجي والذين أسعى من خلالهم إلى مساعدة المضطر والمحتاج وتقديم الرعاية له.
اما الزج بالعمل الخيري والانساني في مجالات اخرى ليست من تخصصه تفقده الحرفية والمصداقية والتخصص وتزج به في مغامرات يكون المتأثر الأكبر منها هو المضطر والمحتاج.
.
الحوار نت: في عالم الإغاثة أو في أدبيات جمعيتكم هل توجد حالات الإستثناء والضرورة؟ وهل تعتبر غزة من هذا القبيل أم انها حالة عامة يسري عليها ما يسري على غيرها؟
.

الأستاذ طارق عبد العليم: العمل الخيري والانساني هو عمل أدق ما يوصف به انه رحلة في جراح الناس وآلامهم فعملنا دائماً هو من أجل حفظ كرامة الانسان الذي كرمه الله "ولقد كرمنا بني آدم" وحصول المضطر على ابسط احتياجاته الانسانية في عالم اليوم الذي اصبح فيه عدد الفقراء والمساكين والمحتاجين فاق كل تصور. فعملنا دائما تحكمه الضرورة وتترتب على أساسه الأوليات بناء على حصر احتياجات المتضررين والمحتاجين.
وخلال رحلاتي الميدانية عايشت أوضاع تشيب لها الرؤوس وأوضاع يصعب على الانسان وصفها وأنا أسميها كوارث خفية لانها بعيدة عن التسليط الاعلامي عليها.
وأحداث غزة الحالية هي امتداد لسسلة معاناة طويلة الأمد نعيش أحد فصولها الآن وهي ليست مفصولة عن حجم المعاناة التي يعيشها الكثير من الناس بل هي مؤشر يعكس حجم هذه المعاناة في العالم. والتعاطف العالمي مع غزة هو أكبر دليل على ذلك.
.
الحوار نت: هل تملك الإغاثة الإسلامية آلية التحرك الميداني السريع فقد عودتنا كثير من الجمعيات الإغاثية الإسلامية الوصول إلى الميدان بعد رفع الأنقاظ؟!
.
الاستاذ طارق عبد العليم: أسست الإغاثة الإسلامية منذ 5 سنوات تقريباً فريقاً سمّته فريق الإغاثة والطوارئ، وهو فريق على درجة عالية من التدريب ومزود بتقنية عالية تمكنه من الاستجابة السريعة خلال 24 ساعة من حدوث أي كارثة في العالم.
والاستجابة السريعة لديها عدة أبعاد وهو التعرف على أبعاد الكارثة ووضع خطة سريعة للتحرك من خلال خطة رفع احتياجات اولية ميدانية ثم تتبعها خطة تنسيق مع المؤسسات الاخرى العاملة ميدانيا لتنسيق الجهود بينهما ثم وضع خطة نقاهة لما بعد الكارثة. ويحسن هنا الإشارة إلى أن لدى الإغاثة الإسلامية برامج إنذار مبكر وهي الاعداد لما قبل حدوث الكارثة في المناطق التي تكون دائماً عرضة للزلازل والفيضانات والنزاعات المسلحة طويلة الأمد مثل افغانستان ودارفور وفلسطين وهي برامج تهدف الى توعية الناس حيال حدوث الكارثة بكيفية التصرف للوقاية من الاضرار والاسعافات الاولوية وكيفية الاستخدام الامثل للطعام والمواد الصحية والمياه وكيفية التزود بالاشياء الضرورية الاخرى.
وللاغاثة الاسلامية سياسة المخزون الاستراتيجي كصندوق الإغاثة والطوارئ وهوما يسهل علينا القيام بالإغاثة الطارئة قبل حدوث عملية جمع التبرع، ولذلك فنحن دائما ننبه المتبرعين بدعم هذا الصندوق لانه يعطينا مساحة كبيرة للحركة والاستجابة السريعة مع الازمة.
.
الحوار نت: نحن الآن أمام تدمير،تجويع، حصار، إذلال وإبادة على أرض غزة، فهل من إسهامات ملموسة للإغاثة الإسلامية في التخفيف من تداعيات هذه الكارثة ولو أمكن إطلاعنا على أهم بصماتها؟.
.
الأستاذ طارق عفيفي عبد العليم: الإغاثة الإسلامية Islamic Relief“ „ تعمل في الاراضي الفلسطينية منذ العام 1994 بمشاريع الأضاحي ورمضان وكفالة الأيتام وتمت التسجيلات الرسمية سنة 1998 لتتطور نشاطات الإغاثة وتشمل المشاريع التنموية طويلة الامد مثل قطاع الصحة والتعليم والتنمية الأسرية ورعاية الاطفال.
والمكتب الرئيسي بفلسطين في مدينة غزة بقطاع غزة ولدينا ستة مكاتب اخرى ثلاثة في الضفة الغربية : رام الله وبيت لحم وجنين وثلاثة مكاتب اخرى في قطاع غزة: خان يونس والبريج ومخيم عايدة بالإضافة إلى مدينة رفح. ونعتمد في سياستنا الإغاثية في فترة الحصار على تشجيع الصناعات المحلية والشراء من المنتجات الغذائية المحلية لدفع عجلة الاقتصاد الفلسطيني وبهذه الطريقة نستطيع تغطية الاحتياجات الاساسية للسكان إلى أن تفتح المعابر التي تفتح من حين إلى آخر.
وتعتبر الإغاثة الإسلامية من المكاتب الكبيرة العاملة في فلسطين ولدينا خبرة ميدانية عالية للتعامل مع الازمات المستمرة هناك وهو ما جعل العديد من المؤسسات الدولية تنفّذ بعض برامجها الخيرية والانسانية من خلال مكاتبنا في الاراضي الفلسطينية مثل وكالة غوث اللاجئين (الانروا) UNRWA وبرنامج الغذاء العالميWHP واليونوسيف UNICEF ووكالة الصحة العالمية WHO التابعين للامم المتحدة وكذلك المفوضية الاوروبية ECHO للشئون الانسانية ووزراة التنمية البريطانية DIFD والعديد من المؤسسات الاوروبية الغير حكومية وكذلك من المؤسسات العربية والاسلامية مثل الهلال الاحمر ولجنة الاغاثة والطوارئ باتحاد الاطباء العرب وغيرهم.
.
وكردّ فعل على الأزمة الطاحنة الآن في غزة استجابت الإغاثة الإسلامية برصد مبلغ يقدّر ب 4 ميلون يورو كمرحلة أولية، وتتركز مساعدتنا في الوقت الحالي على تأمين المواد الغذائية والصحية وتزويد المستشفيات بالمواد والاجهزة الطبية وبالاخص مستشفى الشفاء. وخلال فتح المعابر القصيرة تمكنا من ادخال 5 سيارات شحن كبيرة وأمدت المستشفيات الرئيسية بالحقن والقفازات والضمدات وادوية معالجة للجروح وللحروق بالاضافة الى أجهزة المساعدة في التنفس، وكذلك مولدات الكهرباء وأنابيب الأكسجين المساعد على التنفس وطاولات خاصة لإجراء العمليات الجراحية وسرائر مرضى.
ونحن حالياً نقوم بحملة كبيرة لجمع التبرعات لنتمكن من توسيع حجم البرامج التي نقوم بها وهي فرصة للمتبرعين للتعبير عن تضامنهم الإيجابي مع الشعب الفلسطيني خصوصاً وأن الكثير من الناس يشاهدون هذا الدمار الهائل عبر وسائل الاعلام ويسألون كيف يمكن لنا ان نساعد. واود ان اذكّر هنا أن القضية ليست آنية بمجرد اختفاءها من وسائل الإعلام بعد انتهاء العمليات العسكرية ولكن هناك مرحلة أكبر وأخطر وهو اعادة التأهيل للسكان وكذلك إزالة أثار العدوان أي إعادة بناء البنية التحتية في غزة والرعاية الطبية والنفسية للاطفال والكبار لمرحلة ما بعد الأزمة.
.
الحوار نت: هل من كلمة لإمتصاص خوف المتبرع المسكون بهاجس ما بعد الحادي عشر من سبتمبر وطمأنت الذي يريد أن يتبرع دون تبعات سلبية؟.
.
الأستاذ طارق عفيفي عبد العليم: الإغاثة الإسلامية مؤسسة مسجلة رسمياً وتتمتع باحترام العديد من المؤسسات الحكومية والغير الحكومية على المستوى الدولي وعلى المستوى المحلي في اوروبا وألمانيا ولدينا عضوية في العديد من المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة وكذلك المفوضية الأوروبية للشئون الإنسانية في المانيا في عضوية مؤسسة الفنرو VENRO وهي مؤسسة تضم العديد من المؤسسات الألمانية الكبيرة مثل "الفلت هونجر هلفه" Welt Hunger Hilfe و"الكاريتس" Caritasواطباء بلا حدود والكار الدولية. ونحن والحمد لله المؤسسة الإسلامية الوحيدة في الوقت الحالي التي تتمع بهذه العضوية وكذلك نحن كمكتب المانيا عضو ايضاء في المفوضية الاوروبية للشئون الانسانية، وقد قمنا بعمل مشروع في باكستان مع القسم الانساني التابع لوزارة الخارجية الالمانية وكذلك مشروع مع مؤسسة شترن Sternالتابع للمجلة الشهيرة شترن Stern .
.
وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر قمنا بتحركات كبيرة على المستوى الدولي والمحلي لمحاولة عدم إلصاق تهمة التطرف بالعمل الخيري والانساني. لذلك نحن حريصون على تأمين أموال المتبرعين لأنها هي العصب الأساسي لمحاولة مساعدة الفقراء والمحتاجين ونحن نعمل في الاساس على أساس الشراكة مع المتبرعين لنصرة الفقراء والمحتاجين وشعارنا اننا يد المتبرع التي يطال من خلالها المحتاجين اينما كانوا.
.
فوزية محمد:
نكرر شكرنا الجزيل للأستاذ طارق عفيفي عبد العليم على هذه المعلومات القيمة، والتي توضح لنا أهمية العمل الخيري والإنساني لمعالجة الأزمات. ونتمنى أن تتاح لنا فرصة أخرى لحوار أوسع نتعرف منه عن باقي مشاريع الإغاثة الإسلامية ودعمها لبلدان متضررة كثيرة حول العالم.
.
وللمزيد من المعلومات نحيلكم على العنوان الإلكتروني التالي لمؤسسة الإغاثة الإسلامية حيث يمكنكم مشاهدة عمل الإغاثة الإسلامية أثناء هذه المجزرة وغيرها، كما يمكنكم اختيار اللغة المفضلة أعلى الصفحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق